الصيد الساحلي : ثروات تتأرجح بين الاستغلال والاستدامة
- aftas peche
- ٧ يناير
- 2 دقائق قراءة
يشكل قطاع الصيد الساحلي في المغرب جزءًا أساسيًا من الاقتصاد الوطني، حيث يلعب دورًا حيويًا في توفير الغذاء وتعزيز الاقتصاد المحلي. بفضل موقعه الجغرافي المتميز المطل على المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، يتمتع المغرب بثروات بحرية غنية ومتنوعة تجعل من هذا القطاع محورًا استراتيجيًا.
أهمية الصيد الساحلي في المغرب يُعتبر الصيد الساحلي أحد المصادر الرئيسية لتوفير الأسماك للسوق المحلي والتصدير. وفقًا لبيانات حديثة، يُسهم هذا القطاع بنسبة 2.3% من الناتج المحلي الإجمالي للمغرب، حيث يتم إنتاج ما يزيد عن 1.4 مليون طن من الأسماك سنويًا، منها 83% تأتي من الصيد الساحلي. كما يوفر القطاع حوالي 170,000 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، مما يجعله عنصرًا أساسيًا في دعم الأسر الساحلية.
البنية التحتية والتنظيم يتميز المغرب بشبكة واسعة من الموانئ المخصصة للصيد الساحلي، مثل موانئ أكادير، التي تُعد من بين الأكبر في إفريقيا، والداخلة التي تمثل مركزًا رئيسيًا لصادرات الأسماك. في عام 2023، بلغت صادرات المغرب من المنتجات البحرية حوالي 23 مليار درهم، مع تسجيل نمو بنسبة 13% مقارنة بالعام السابق. تخضع أنشطة الصيد الساحلي لتشريعات وطنية، مثل مخطط "آليوتيس"، الذي يهدف إلى تنظيم الصيد وضمان استدامة الموارد البحرية من خلال تحديد الحصص وفترات الراحة البيولوجية.
التحديات التي تواجه القطاع رغم الأهمية الكبيرة لهذا القطاع، إلا أنه يواجه عدة تحديات، أبرزها الإفراط في الصيد في بعض المناطق الساحلية، حيث أظهرت تقارير أن 75% من الموارد السمكية بالمغرب تواجه استغلالًا مفرطًا. كما أن التلوث الساحلي الناتج عن النفايات البلاستيكية والصناعية يُهدد البيئة البحرية، مما ينعكس سلبًا على الثروة السمكية. بالإضافة إلى ذلك، يفتقر العديد من الصيادين إلى التقنيات الحديثة والمعدات المتطورة، مما يحد من إنتاجيتهم.
آفاق تطوير القطاع لضمان استدامة قطاع الصيد الساحلي، تعمل الحكومة المغربية على تعزيز الابتكار في تقنيات الصيد وتحديث البنية التحتية للموانئ. كما تُولي الدولة اهتمامًا خاصًا بالتكوين المهني للصيادين، حيث استفاد حوالي 12,000 شخص من برامج التدريب في عام 2022. تهدف هذه الجهود إلى تحسين الإنتاجية وزيادة كفاءة العاملين في القطاع، إضافة إلى تشجيع الاستثمارات في الصناعات المرتبطة مثل معالجة وتعبئة الأسماك.
نحو استدامة الموارد البحرية يشكل قطاع الصيد الساحلي في المغرب دعامة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. بفضل السياسات الموجهة مثل مخطط "آليوتيس"، يستمر القطاع في تحقيق تقدم ملحوظ، إلا أن الحفاظ على هذه الثروة يتطلب تكاتف الجهود بين الدولة والفاعلين في القطاع. من خلال تطبيق استراتيجيات فعالة ومبتكرة، يمكن لهذا القطاع أن يظل ركيزة قوية في الاقتصاد المغربي، مع ضمان حماية الموارد البحرية للأجيال القادمة.
Comments